بينما كنت أصول في عوالمي ..... بين الحقيقة والوهم.... والممكن و المستحيل.... والتاريخ والأسطورة..... سمعت صوتا مغريا ينادي: مولاتي .... ما أروعك. كان صوتا ينط من الأسطورة .... يعطر الفضاء بعبق ساحر..... يبعث في النفس الرغبة في الانطلاق....
التفت إليه.... كان يتكئ على شجرة عريقة لطالما حلمت بالجلوس إليها...... هل كان إلها إغريقيا..... أم حكيما رومانيا..... أم ساحرا بابليا؟
وحين لذت بالصمت علني أصدق نفسي وألمس نشوتي، أخد يدندن لي أهازيج المشرق والمغرب..... و بينما كنت أغيب في معاني الكلمات، كان ينتشي هو بدفئ بالنغمات.
لملمت إحساسي ..... و جمعت أشلائي.... و استنجدت بتاريخي... ولم استطع أن أبوح بكلمة حتى فضحني عجزي.... نظر إلي بابتسامة هادئة وقال: لا تقولي شيئا أميرتي... صمتك أكثر تعبيرا من لغاتك.... فأنا القابع تحت أهدابك.... و نظرتك الحزينة المرتبكة توقد اللوعة في أوصالي....
مولاتي... أنت الأسطورة التي كنت أومن بتحققها... وها أنا ذا أراك، أسمعك... كأني عرفتك منذ ما قبل الطوفان....
رأيت جبينك الصيفي
مرفوعا على الشفق
و شعرك ماعز يرعى
حشيش الغيم في الأفق
كانت عباراته ترفعني... تنصبني... و تكسرني.... كنت أريد أن أقول له كل ما يجول بخاطري... كنت أود أن أقرأ عليه كل القصائد التي أحفظ... لكن شيئا ما في عينيه دوخني فما عدت أعرف كيف أعبر عن الشوق و الحلم و الحنين.... كان علي أن أبوح للعالم أني أركب جناحي الحب والحرية..... كان علي أن أقول شيئا.... حتى لا ينفجر هدا الجنون الذي يعتريني.... فأجدني أهيم في الشوارع.... أقذف الناس بالحجارة.....
لكنه يقرب و يبتعد... يغيب و يحضر... إلى أن حل بي و غاب عني....
سأنظم شعرا... سأروي قصصا... سأحلم.... سأبحر... سأغوص..... سأغرق....
سأفتش عنه بين مخطوطاتي و أساطيري...و أعدكم أن أحلم به إلى أن ينام القمر....